لتحقيق حلمك في الحياة، يجب أن تمتلك أهدافاً ذكية…! تكتسي السماء إضاءتها بنجومها وشمسها، وكذلك الحياة، ككرة ثلج زجاجية مشعة بأهداف ساكنيها، تراها هادئة قبل أن ترجها، لتتحرك جسيمات الثلج البيضاء بداخلها وتبدأ بالتساقط ببطء، فتستمتع بمنظرها الحميمي الدافىء.
أهداف الحياة تمثلها الكريات الهادئة في القعر، يكفي فقط أن تطلق العنان لتحقيقها. تتعدد هذه الأهداف وتتنوع لتشمل حتى الأهداف الذكية (smart goals).
الهدف والحلم… التوأم المختلف!
لوحة ( Starry night) للفنان الهولندي فان غوخ، حيث نور النجوم المشعة يلوح في أفق سماء زرقاء وهلال أصفر. وميض لا متناهي تستقبله عدسة عيناك حين ترى هذه اللوحة.
قال فان غوخ ذات مرة: ” أنا لا أعرف أي شيء على وجه اليقين، لكن رؤية النجوم تجعلني أحلم”!
لم يكن لحلمه أن يصبح واقعاً لو لم يحمل صباغاته وفرشه، وينقل تصوره في واحدة من أشهر اللوحات في التاريخ، محققاً بذلك هدفه الذي لم يعش نجاحه آنذاك!
دماغنا لا يستثني حلماً إلا وأورده في قائمة الأحلام، لأنك لا تسعى وراءه دائماً. لكن الهدف هو ما تسعى جاهداً لتحقيقه، لذلك نجد البعض يستصعي عليه بلوغ هدفه.
اقرأ أيضًا: الدراسة في الخارج.. هذه الجامعات لا تحتاج لأيلتس أو توفل
حسان، لاعب فريق الصقور في المسلسل الأنمي “سلام دانك”، لم يكن يستطيع أن ينفذ سوى تسديدة الرمية الإنسيابية وكان الكل يستصغره، لكن في المواجهة النهائية ضد فريق الوثب، بينما كان فريقه لكرة السلة مهزوماً، استطاع أن يسدد ثلاثية خارقة جلب بها الفوز لفريقه. كل هذا النصر تحقق بفضل التدريب الخاص للسيد غسان وتشبت حسان بهدفه الرامي للفوز والنجاح في كرة السلة.
التمني…..عقارب ساعة الهدف المعطلة!
إن سألتك عن أمنياتك وتركت لك بضع دقائق، ستجد روابط سينابساتك: (ساعي البريد الخاص برسائلك العصبية)، تلتحلم بسرعة موصلة السيالة العصبية التي تحمل آلاف الأمنيات… قد تتبعثر وأنت تحاول أن تحدث الفرق بين أمنياتك وأهدافك. فمارد المصباح الذي منح علاء الدين ثلاث أمنيات، لن يحقق أهدافك، فجرب أن تحكه مرات عديدة وسترى!!
خلال إحدى محاضرات البروفيسور كارل بيلمر في جامعة كورنيل، أثار فضوله سؤال طالب له قائلا: “هل أحتاج إلى هدف لا أملكه؟” جعله سؤال هذا الأخير يتعمق في البحث ليتوصل إلى أن تحقيق الأهداف في الحياة رهين بمقابلة نفسك المستقلة وبشكل واقعي. فمائدة العشاء المنتظر مع نفسك المستقبلة وجب عليك الا تؤجلها أكثر!
ركز جيداً لتصيب الهدف!
تخيل نفسك محارباً مغواراً في ساحة معركة وأمامك جيش غفير،وأنت مسؤول عن حياتك وحياة من معك .
يقترب منك العدو بسرعة، التجأت إلى قوسك وإذا بك تضيع الهدف فتصبح رهينة لدى العدو!
الرماية من الرياضات والهوايات التي تحتاج لدقة وتركيز متناهيين، أن تصيب مركز الدائرة أو أن تصوب نحو الطريدة دون أن تحس بك، فن لا يتقنه الجميع، وكذلك أهدافك في الحياة تحتاج لتركيز شديد ومخطط واضح.
من المستحيل أن ترى نجاحات الآخرين ولا تطرح على نفسك سؤال : لماذا قليل من الناس هم الأكثر نجاحاً؟
لم يعش الروائي والمؤلف تشارلز بوكوفسكي طفولة سعيدة، فقد كان ينحدر من عائلة فقيرة مهاجرة من ألمانيا نحو أمريكا عمل في عدة وظائف لدعم هدفه بالحياة. فاستطاع بإصراره وتركيزه حول مبتغاه أن يؤلف الآف القصائد ومئات القصص القصيرة خلدت التاريخ الأدبي خلال القرن العشرين.
من هنا يتضح أن هدفك ممكن ما دمت تصب تركيزك عليه.فليس كل هدف يسجل بمرمى حارس كرة القدم سهل وإلا كانت ستشهد 90 هدفاً خلال الشوطين!
اقرأ أيضًا: أفضل 10 مواقع لتعلم اللغة الإنجليزية على الإنترنت
سوق الأهداف الذكية…..دون ما ستقتنيه قبل ذهابك!
كتاب الأهداف لبراين تريسي يعتبر بمثابة توحيد لكل باحث عن تحقيق أهدافه في الحياة، عبر 21 مبدأ، يسطر الكتاب لمنهجية التعامل مع الأهداف إذ لا يتأتى تحقيقها إلا عبر تقرير ما تريد فعله أولاً، تركز الهدف الرئيسي، تفهم إمكانياتك، ومن ثم تتحمل المسؤولية, وهو ما يعكسه فيلم joy الذي يحكي قصة نجاح فتاة تدعى “جوي مانغانو” أم عازبة لطفلين، والتي ستحقق نجاحاً من الصفر، عبر اختراعها لممسحة تنظيف ذكية خلال التسعينيات، ورغم كل العراقيل التي ستمر بها ستظل صاعدة بغية الوصول إلى هدفها الوحيد.
لكل شخص أهداف متنوعة، بعيدة المدى،كبيرة،واقعية…..لكن التخطيط لتحقيقها يتطلب برمجة ذهنية لاختيار الأنسب والمنطقي منها : هذا ما أورده وارن بافيت في قاعدة 5\25 لنجرب معا!
سطر 25 هدفاً تسعى لتحقيقه، وضع دائرة حول 5 أهداف مهمة.
دعك من الورقة السابقة لكن انقل الأهداف الخمس إلى ورقة جديدة وركز عليها، خطط لها ومن ثم اعمل عليها!
غالباً ما تشكل الأهداف الكثيرة حملًا لتحقيقها،فكلما ركزت على هدف واحد كلما بلغته في آخر المطاف. يجب أن تتعامل بذكاء مع أهدافك، فما رأيك بها إن كانت ذكية هي الأخرى؟
لا وجود للعشوائية داخل الأهداف الذكية (SMART)!
عادة ما تستقبل السنة الجديدة بمذكرة وقلم تدون به تصوراتك وأهدافك خلال السنة…تمر الشهور وتبقى المذكرة حبيسة رفوف خزانتك. يصل ديسمبر فإذا بك تهرع إلى المكتبة لتقتني مذكرة أخرى.
ما مصير تلك الأهداف؟
مفهوم الأهداف الذكية اخترع ليصحح البعثرة التي تطول أهدافك، إذ يعد مفتاحاً لتنظيم الأهداف بحيث يختار أقربها إلى الصواب والتحقيق.
الأهداف الذكية أو (smart goals ) هو اختصار لخمس كلمات تشكل المفهوم ككل، وتؤسس لركائزه.
أول من استعمل هذا المصطلح هو الدكتور جورج دوران في مقال له سنة 1981. ومنذ ذلك الحين والكثير من رواد الأعمال ،الطلاب وآخرون يستعينون باستراتيجية الأهداف الذكية (smart) لبلوغ أهدافهم.
الأهداف الذكية ( SMART)، فلينطلق أولمبياد الأهداف!
1.هدف محدد ( Specific) :
بجانب نافذة شرفتك احتس كوب قهوة أو شاي، واستمع لذهنك بعمق،ستجده يملي عليك كل الأهداف التي ترغب فيها. جيد!
ها قد رشحت أهدافك، دعها تتنافس الآن على حصد الجائزة الكبرى والحصول على اللقب.
لا زلت في مرحلة التصفيات، اطلب من أهدافك أن تملأ هذه الإستمارة ودع ذهنك يقرر لاحقاً.
- ما الذي تريد تحقيقه بهذا الهدف؟
- لماذا تريد بلوغ هذا الهدف؟
- كيف ستتمكن من تحقيق هدفك?
- من سيساعدك على تحقيق هدفك؟
- أين سيكون هدفك واقعاً مطبقا؟
بعد الفرز، ستجد أن الكثير من الأهداف انسحبت أو تراجعت، اجلب البقية ودع السباق يستمر.
2.هدف يمكن قياسه ( Measurable) :
إن كانت الأهداف ذات مغزى، محفزة، ويمكن قياسها. فهي أهداف ذكية مرشحة لربع النهائي.
مثلاً إن كان هدفك إنهاء كتاب من 300 صفحة،، وقمت بقراءة 75 صفحة فقد حققت %25 من هدفك الإجمالي وهكذا دواليك!
3.هدف يمكن تحقيقه ( Achievable ) :
ها نحن في نصف النهائي والأهداف يتقلص عددها، بعضها يحلم كثيراً، مما يتعارض والقوانبن المتفق عليها، فكيف يمكن تحقيقها؟
قم بفرز الأهداف الواقعية التي يمكن تنفيذها حقاً، وقل وداعاً للأهداف الوهمية التي تنسج للخيال واقعاً مزيفاً.
4.هدف مهم (Relevant):
من بين الأهداف المتنافسة على المركز النهائي نجد بعضاً منها لا يخدم تصورك وطموحك، يجب أن تسأل أهدافك لم تستحق فعلاً أن تنال اللقب؟ وينبغي عليها (الأهداف)، أن تملك حجة للإقناعك بها.
تخلص مباشرة من الأهداف غير الذكية، وغير المعقولة والتي تخدم مصالح الأشخاص الآخرين على حسابك الخاص.
5.هدف مقيد بزمن ( Time-bound)
ها قد شارفنا على الإنتهاء، الهدف الذكي هو الذي يتأطر بمدة زمنية معينة لتحقيقه. حدد وقت البدء ووقت الانتهاء وركز عليه جيدا ليحفزك على العمل بكد. فهدفك لتعلم صنع المعكرونة بصلصة الطماطم رهين بمعرفتك لؤقت العجائن ووقت إعداد الصلصة ومن ثم حساب وقت إعداد الوصفة ككل.
لا تفقد تركيزك، إليك هذه الخطاطة لتلخص لك ما سبق لك ذكره!
“خطاطة الأهداف الذكية”
هنيئا للهدف المنشود الذي اجتاز جميع المراحل بنجاح. وها قد اكتشفت أنك كنت ضائعاً بين أهدافك العديدة التي لم تكن سترى النور مستقبلاً.
والآن إليك نموذج تطبيقي لهذه الأهداف الذكية يمكنك الاستعانة به لمعرفة أهدافك الذكية :
“جدول الأهداف الذكية ( SMART)”
لتتخد مثلا شخصا يريد أن يتعلم العزف على القيتارة : هنا الهدف ناقص لأنه لم يرتبط بمدة معينة.
أما إن كنت تريد الانتقال من المستوى A2 إلى B2 في اللغة الإنجليزية، خلال ثلاثة أشهر، هذا الهدف ذكي، فأنت تتموضع في مستوى المبتدئين في اللغة سابقاً، فتريد تطوير مهاراتك اللغوية لتنتقل للمستوى المتوسط خلال 3 أشهر، أي ستبلغ %100 من هدفك بنهاية المدة المتاحة، مستعيناً بدروس مكثفة، فيديوهات وحتى محادثات، فأنت تستطيع تحقيق هدفك ببساطة.
لكل هدف خطة عمل، ولكل عمل حصاد يثمره، تحقيق النجاح لا يأتي بالتذمر وجلسة القرفصاء. وكما قال ستيفن كوفي : “الأهداف هي محض خيال ما لم تكن لديك خطة محددة لتحقيقها”!
